أغلق      
         

 
       
                               

 

 

 

المجـلة

المجلة البرهانية

 

 

 

4

كلمة العدد  ::  حكمة العدد  ::  وقفات  ::  الدين النصيحة  ::  خدعوك فقالوا

تعم المشرقين  ::  صحابة أحمد  ::  ركن المرأة  ::  ركن الشباب  ::  ركن الطفل 

 

ركن الشباب

 

الدين والحرية

  إحدى الوسائل التي اتبعتها مؤسسات الاستغراب الفكري فـي بثِّ سمومها الناقعة تجاه الشباب المسلم هي إثارة قضايا فكرية واجتماعية بطريقة خاطئة مثل قضية الدين والحريات لتظهر الدين وكأنه عدوٌّ للحرية أو قيد من حديد يُكبِّل الحرية ويجعلها قابعةً فـي زنزانة الدين وجعلت مؤسستها الإعلامية المتطورة تعمل على ترويج مفاهيم العلمانية وغسل فكر الشباب من معتقداته الدينية وصبغه بعقيدة الحرية المطلقة التي لا تعرف الخط الاحمر.

بديهياً أن الدين لم يأت لكى يُذلَّ الانسان ويقهره بل جاء من أجل إكرامه وتشريفه يقول الله عز وجل ﴿ولقد كرَّمنا بني آدم...﴾ فالإكرام الالهي هذا تَفضُّل على الجنس البشري بقيم أخلاقية فاضلة وجعلها غرائز فـي تركيبته النفسية غير أن البيئة الاجتماعية هى التي تجعل تلك القيم الأخلاقية تحت الثرى أو فوق الثريا وفقاً لمتغيرات ثقافية وسياسية واجتماعية فالقضية التي لا جدال عليها هى أن الانسان ولد طاهراً نقياً مفعماً بالقيم العالية والأخلاق النبيلة لكن المجتمع هو الذي يؤثر سلباً وإيجاباً بعد ذلك. إن للحرية نبضاً إنسانياً رائعاً لا شك فيه بيد أن المتثاقفين وأصحاب الفكر الغربي يظهرون الحرية وكأنها فـي حالة جدلية هيجلية مع الدين بل أن كثيراً من دعاة الحرية الحمراء يذهبون الى اتهام الدين بأنه قوى الرجعية، التي تحارب الحرية الذاتية للفرد. وهذا ما يعو إلى التساؤل: هل الحرية تعنى أن تفعل ما تشاء كيفما تريد وقتما تريد دون مراعاة أثر ذلك سلباً على المجتمع، إن مثل هذه الفوضوية تقود المنظومة الاجتماعية إلى سقوط القيم الإنسانية الشريفة فيها ومن أعلى قمم القواعد التربوية وخير مثال لذلك انهيار نظام العائلة فـي العالم الغربي فالابناء لا يرون آبائهم فضلا عن رعايتهم والآباء يفضلون مصالحهم الوقتية وشهواتهم على رعاية أبنائهم ويثقون فى حيواناتهم الأليفة عن أفراد أسرتهم ويفضلون رعايتها على رعاية أبناء جنسهم، وقد تولد نظام اجتماعى غريب يجعل كل فرد كما لو كان فى جزيرة منعزلا على نفسه ولا يأمن لأحد ولا يعتمد إلا على نفسه ولا يجد من  يسمع له.

إن الإسلام يرفض الحرية الفوضوية المتنافية مع الفطرة السليمة ويؤكد أن الحرية الحقة هى ما كانت فى إطار الفضيلة والخلق الكريم الذى يجعل الأنسان محترما منضبطا مراعيا لمجتمعه ومراقبا لنفسه دون رقيب، فلسنا بحاجة الى التحرر التفسخى والانحلال والضياع، والذى هو فى الواقع عبودية للرغبات والدوافع (عبد المال وعبد الشهوة وعبد الوهم و ... )، فالإنسان الذى يستجيب لرغباته دون وازع أو رادع داخلى لا يمكن أن يقال عنه أنه حر؛ بل هو عبد مستعبد من أسياد شتى تتناهشه.

إن الإسلام ينظر إلى الإنسان على أنه كلٌّ لا يتجزأ ونظَّم أعماله بأحكام شرعيه تنظيماً واحداً متسقاً مهما تعددت هذه الأعمال وتنوَّعت فإنَّ هذه الأحكام الشرعية هى التي تعالج مشكلات الإنسان المختلفة ... غير أن الفكر الراديكالي المتأسلم سياسياً وضع الأحكام الشرعية فـي قوالب ضيقة وصاغها بطريقة عرجاء مما ساعد قوى الاستعمار الفكري على استغلال ذلك فـي تأكيد أن الإسلام لا يعرف الحرية وما كان لهذه الفرية أن تذكر لولا الأحكام اللا شرعية التي احتكمت إليها بعض البلدان التي تعتنق الشطط الوهابى؛ حتى أن بعض تلك الأحكام اللاشرعية التي اتخذتها دوائر الحكم الوهابي وصلت لدرجة تحريم الصورة الفوتغرافية وتحريم قص لحية الرجل مقدار قبضة الكفين (والأفضل أن تصل حدَّ الركبة) وكذلك تحريم مشاهدة التلفزيون والكثير من الإحكام التي تنسب إلي الاسلام زوراً وبهتاناً لا لشىءٍ سوى خدمة الفكر الماسونى للوهابية، بل إنهم ذهبوا إلى ما هو أبعد من ذلك فوصلوا إلى تكفير كل من يخالفهم الرأى وكانوا فى كثير من الأحيان يهدرون دمه دون أن ترمش أجفانهم ... وبالتأكيد فإن مثل هذه الأفكار السطحية والتصرفات التعسفية هى التي تساعد مؤسسات الاستغراب الفكري فـي إلصاق التُهم الكاذبة بالإسلام والترويج لها مثل اضطهاد حقوق المرأة وتقييد الحريات، ...