أغلق      
         

 
       
                               

 

 

  صوفيات طرق صوفية  ::  الأوراد  ::  الحضرة  ::  الذكر  ::  السبحة  ::  أولياء الله      

6

الذكر والوجد

 

 

  وأول من تنفل به هو الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين. فلقنهم النبى أذكاراً مختلفة جمعها الإمام النووى فى كتابه الأذكار.

وقال النبى (ذاكر الله فى الغافلين كالشجرة الخضراء وسط الهشيم)، وقال : (يقول الله عز وجل: أنا مع عبدى حيث ذكرنى وتحركت بى شفتاه).

وعن أبى هريرة قال: قال النبى : (ما عمل آدمي عملا أنجى له من عذاب الله من ذكر الله)، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: (ولا الجهاد فى سبيل الله إلا أن تضرب بسيفك حتى ينقطع ثم تضرب به حتى ينقطع ثم تضرب به حتى ينقطع) رواه رواه ابن أبى شيبة فى المنصف والهندى والعراقى والهيثمى والطبرانى من حديث معاذ بإسناد حسن.

وقال معاذ بن جبل : ليس يتحسر أهل الجنة على شئ إلا على ساعة مرت بهم لم يذكروا الله سبحانه فيها. وروى البخارى عن السيدة عائشة رضى الله عنها قالت: "كان النبى يذكر الله كل أحيانه". وعن ابن عمر رضى الله عنهما أن رجلاً قال: يارسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت على فأخبرنا بشئ أتشبث به فقال : "لايزال لسانك رطب بذكر الله".

أعلم أن حقيقة الوجد وهو ماينشأ من فرط حب الله تعالى وصدق إرادته والشوق إلى لقائه، فالطمأنينة والإقشعرار والخشية ولين القلب وجد. وقال تعالى: ﴿إنما المؤمنين الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم﴾ وقال ﴿لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله﴾ عن عائشة قالت: سمع النبي صوت أبي موسى الأشعري وهو يقرأ فقال: (لقد أوتي أبو موسى من مزامير داود)، وما كان هذا إلا بصدق وجده وطربه وإحسان صوته بذكر الله.

وروى عن ابن مسعود أنه قرأ على رسول الله سورة النساء فلما استمع إلى قوله تعالى: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء شَهِيداً﴾ قال: (حسبك) وكانت عيناه تذرفان بالدمع، وفى رواية أنه قرأ: ﴿إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ﴾ فبكى. وكان إذا مر بآية رحمة دعا واستبشر، والإستبشار وجد.

وقد أثنى الله تعالى على أهل الوجد بالقرآن فقال تعالى: ﴿وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ...﴾ الآية.

وروى أن الرسول كان يصلى ولصوته أزير كأزير المرجل. ومانقل من الوجد عن الصحابة والتابعين فكثير منهم من صفق ومن بكى ومن غشى عليه ومنهم من مات فى غشيته، وسمع سيدنا عمر رجلاً يقرأ "إن عذاب ربك لواقع" فصاح صيحة وخر مغشياً عليه فحمل إلى بيته ولم يزل مريضاً فى بيته شهراً.

وأبو جرير من التابعين قرأ عليه صالح المصرى فشهق ومات وسمع أحد الصالحين رجلاً يقرأ: ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً﴾ فاستعادها من القارئ وقال: كم أقول إرجعى وليست ترجع فتواجد وزعق زعقة فخرجت روحه وروى أن سيدنا موسى قضى فى بنى إسرائيل فمزق واحد منهم ثوبه فأوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام: قل له مزق لى قلبك ولاتمزق ثوبك.