أغلق      
         

 
       
                               

 

 

 

إسلاميات

 أضف إلى معلوماتك  ::  قصص وعبر  ::  سيرة  ::   آثار إسلامية 

 

 

 

7

حلو الشمائل

 

 

لقد شاعت قصيدة الفرزدق فى مدح سيدنا الإمام على زين العابدين بن سيدنا السبط الإمام الحسين ، شاعت لجمالها وصدقها، وشاعت كمثل كريم من أمثلة الشجاعة الأدبية عند الفرزدق، وذلك أنه قالها فى وجه هشام بن عبد الملك إنتصاراً لرجل صالح شريف من أهل بيت النبوة لا يملك جنداً ولا يسيطر على جيشٍ، وقالها وهو يعرف أن هشام سيغضب، وفى سبيل الحق لم يبال العواقب، ولقد رويت هذه القصيدة من عدة طرق ذكرها الصولى والحريرى وغير واحد، ذكروا أن هشام حج فى خلافة أبيه وأخيه الوليد، فطاف بالبيت فلما أراد أن يستلم الحجر لم يتمكن حتى نصب له منبراً فاستلمه وجلس عليه، وقام أهل الشام حوله، فبينما هو كذلك إذ أقبل على زين العابدين ، فلما دنا من الحجر ليستلمه تنحى عنه الناس إجلالاً له وهيبة واحتراماً وهو فى بزة حسنة وشكل مليح، فقال أهل الشام لهشام: من هذا؟ فقال: لا أعرفه. استنقاصاً له واحتقاراً لئلا يرغب فيه أهل الشام، فقال الفردزق وكان حاضراً، أنا أعرفه فقالوا: ومن هو؟ فأنشاء الفرزدق يقول:

هذا الذى تعرف البطحـاء وطأته

 

والبيـت يعـرفه والحـل والحـرم

هذا ابن  خـير عبـاد الله كلهم

 

هذا التـقى النـقى الطـاهر العلم

إذا رأتـه قريـش قال قائـلهم

 

إلى مكـارم هـذا ينتـهى الكـرم

ينمى إلى ذروة العز التى قصـرت

 

عن نيـلها عرب الإسـلام والعجم

يكاد يمسـكه عرفـان راحتـه

 

ركن الحطـيم إذا  ما جـاء  يستلم

مشتـقة من رسـول الله فبقـته

 

طابت عنـاصرها والخيـم  والشيم

ينجاب نور الهـدى من نور غرته

 

كالشمس ينجاب عن  إشراقها الغيم

حمـال أثقـال أقوام  إذا قدحوا

 

حلو  الشمـائل تحـلو عنـده  نعم

هذا ابن فاطـمة إن كنت جاهله

 

بجـده أنبـياء الله قـد ختــموا

من جده  دان فضـل الأنبياء له

 

وفضـل أمتـه دانت لهـا الأمـم

عم البرية بالإحسـان فانقشعت

 

عنـها الغواية والإمـلاق والظـلم

كلتـا يديه  غيـاث عم نفعهما

 

يسـتو كفـاه ولا يعـروهما العدم

سهل الخليـفة  لا تخشى  بوادره

 

يزينـه إثنتـان الحــلم والكـرم

لا يخـلف الوعـد ميمون بغيبته

 

رحب الفـناء أريب حـين يعـتزم

من معشـر حبهم  دين وبغضهم

 

كفـر وقربهـم منـجى ومعتـصم

يستدفع السـوء والبلوى  بحبهم

 

ويسـتزاد بـه الإحسـان والنـعم

مقـدم بعد ذكـر الله ذكـرهم

 

فى كـل حكـم ومختـوم به الكلم

إن عد أهـل التقى كانوا أئمتهم

 

أو قيل من  خير أهل الأرض قيل هم

لا يستطيع جـواد بعـد غايتهم

 

ولا يدانيـهم قــوم وإن كـرموا

هم الغيـوث إذا ما أزمـة أزمت

 

والأسـد أسد الشرى والباس محتدم

يأبى لهم أن يحـل الذم سـاحتهم

 

خيـم كـرام وأيـد بالندى  هضم

لا ينقص العدم بسطـاً من أكفهم

 

سـيان ذلك أن أثـروا وإن عدموا

أى الخـلائق ليست فى  رقـابهم

 

لأولــية هــذا أو لـه نعـم ..

فلـيس قولك من هذا بضـائره

 

العرب تعـرف من أنكرت والعجم

من يعرف الله يعـرف أوليـه ذا

 

فالدين من بيـت هـذا ناله الإمـم

قال: فغضب هشام من ذلك وأمر بحبس الفرزدق بعسفان بين مكة والمدينة فلما بلغ ذلك على بن الحسين بعث إليه باثنى عشر ألف درهم فلم يقبلها وقال: إنما قلت ماقلت لله عز وجل ونصرة للحق وقياماً بحق رسول الله فى ذريته، ولست اعتاض عن ذلك بشئ. فأرسل إليه على بن الحسين يقول: قد علم الله صدق نيتك فى ذلك، وأقسمت عليك بالله لتقبلها فتقبلها منه.